نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خدمة الحجيج.. اختصاص وإبداع سعودي, اليوم الخميس 5 يونيو 2025 03:53 مساءً
والبعض ينظر للحدث كتلة تتماهى تفاصيلها، وسلاستها منسوجة بالإيمانيات.
والبعض يشعر بغضب في نفسه، فيستكبر وينتقد الأحداث والتفاصيل، ويحاول تصويرها، حسب وجهة نظره، وينعتها بتراكم المعاني، ويحور حقيقتها بأحقاد ونقد جائر للعمل المعجز، الذي تشهد به كل الدنيا، يهون ويشكك، ويرسم الصور الناقصة المقيتة، مهما بلغت دقة وسلامة وأنظمة أمن وشاعرية ونقاء سرائر من يخدمون الحجيج، ومن يبذلون كل جهودهم ليخرج الحج بما يتمناه ويتوقعه المسلمين من موسم خير وبركات.
وفي منتصف تلك الفئات، تبرز فئة سعودية خضراء عظيمة تقوم على تخطيط وترتيب وتنسيق وتطويع وتسيير والصرف على مختلف مجريات الحج.
تلك الحكومية السعودية بمؤسساتها تتبارى في فعل الأصلح والأقوم والأقرب للخير للحجيج، وكل سعودي من موقعه يكمل عظمة تكامل المنظومات الحكومية، رجال أمن ونساء حرص يتفانون في الضيافة والسقاية والرفادة، وخدمة الحجيج، إسعاف ومستوصفات ومستشفيات المشاعر، ومن يحرسون المواقع، ويعملون على الوقاية من الحرائق ومكافحتها، ومن زرعوا الأرض بالنباتات الظليلة، ونصبوا المراوح العملاقة، ورشوا المياه لترطيب الأجواء، ومن يقومون بتفويج الحجيج، ويرشدون التائه، ويتبارون في خدمة وعون كل محتاج، يقيلون العثرات، بإمكانيات دولة عظمى جبلت على تقديم الخير ثمرا من مسميات خادم الحرمين الشريفين، وتسلسل الرعاية بأنواعها، منذ خروج الحاج من دولته، وحتى عودته سالما غانما، بعد تشبع مشاعره، وأداء نسكه، من حدود طيبة، وحتى قلب مكة وشرايين منى وعرفات ومزدلفة، في رحلة عمر لا تتكرر كثيرا، ولا يمكن أدائها بعشوائية، تجعلها صورة ناقصة.
كل فئة بشرية تتعايش مع ظروف نظرتها ويقينها وقربها أو بعدها للحج، ولكن القائمين بالخدمات الأساسية والمسؤولية الكاملة عن الحجيج، تظل نظراتهم متفائلة، وتفاعلاتهم كريمة، وتفانيهم منقطع النظير، يحملون الأمانة، وتحصل سعادتهم بحسن الأداء، والفخر بعد قيامهم بكامل مهامهم وواجباتهم يدوية وتقنية وذكاء اصطناعي، وبما يزيدونه تطوعا من عند أنفسهم، فلا يطلبون الراحة، إلا بعد انتهاء جميع مراحل الحج، وقبول أعمالهم الربانية الرحمانية بإذن الله، متسابقين بالتجويد، مهمة قد نجحت، دون تراخ أو تسويف، وكلما عظم قدر العمل، وتفرع وأثمر بالخير والبذل والعطاء، وزادت أعداد المستفيدين منه، كلما علت وترقت درجات أنفس العاملين بأدائهم المميز، ابداع ينعدم فيه الخلل، وتفان وسهولة وتذليل صعوبات على أنفس الحجيج، تنطبع في ثنايا أرواحهم زيارة ربانية بمعانيها وتفاصيلها وأبعادها، لن ينساها الحاج طوال عمره، بين أيدي من يتمنون دعوة صادقة يطلقها الحاج عرفانا بما فعلوا وأبدعوا.
من يعمل في موسم الحج، ليس كمن يشاهد عن بعد، ولا كمن يستمتع بالزيارة، كونه كيان حب وعطاء يصنع بنفسه قصة احسان يظل يحملها، ويتذكرها عمره، ويطلب الله الغفران بأجر ما تعب وأجاد وأبدع فيها من أجل راحة حجيج بيت الله.
عمله في موسم الحج يجمع المسؤولية المخلصة خادما للحرمين، وفاعل للخير، بمشاعر الخير، وعمله وراحته تنعكس على نفسيته المستقبلية، يتذكر بها ولو نظرة عين حاج ممتنة.
لقد عملت طبيبا عسكريا ميدانيا في مواسم حج عديدة، ولم أفتخر يوما بعمل كما أفتخر بعملي الطبي هناك، وأتلذذ بما مر بي من تعب، عرفت معه قدر المسؤولية، وأدركت ثراء طبقات صداها في نفسي، شاركت تفاصيلها مع جنود الخير السعودي، وملائكة الرحمن، وخدام البيت الحرام، يصنعون للعالم صورا من التفاني وفعل الخير والإخلاص، قد يصعب فهمها ممن لم يعملوا يوما في مواسم الحج، ومن لم يسخر نفسه فداء لعطاءات الخير والبركات الربانية السعودية.
0 تعليق